إلى أي هاوية تسير منظومة الثقافة في مصر! article
يحزنني أن أتكلم حول حال الثقافة المتردي في مصر، فإن أي أمة تريد النهوض بشكل قوي وفتي وسريع فالتبدأ بعلمائها أولا ثم مثقفيها،...
معلومات الكاتب
يحزنني أن أتكلم حول حال الثقافة المتردي في مصر، فإن أي أمة تريد النهوض بشكل قوي وفتي وسريع فالتبدأ بعلمائها أولا ثم مثقفيها، وأن نخبة الأمم لهي خير دليل علي تقدم العقل الجمعي للأمة حيث أنهم عليهم المسؤولية الكبرى في فتح الآفاق العديدة وتوصيل فكر المرحلة لعموم الشعب انهم كوادرها وذراعها الفكري وسلاحها الفتاك الذي يصل مداه الي جميع الأكوان وتكلفته هي “الكلمة”!
سادتي الكرام إننا نلقي باللوم بشكل مستمر علي المثقفين ونقارنهم بحفنة من المنتفعين حتى يظن الناس بأنهم والعدم سواء وأنني لأنضم مع رأي البعض بأهمية الثقافة وضعف نخبة المثقفين ولكن علينا انكون اكثر انصافا عبر سؤال هام وهو لماذا!؟
لماذا أصبحت النخبة المثقفة هي الحلقة الأضعف وهي كل ما تحتاجه الأمة الآن والأسباب كثيرة أولها هو وصف الإعلام للكثير من العابثين بأنهم مثقفين ولهم حق الكلام أكثر من الجميع بشكل فئوي، وحينما تنقلب الموازين ويصبح الجاهل عالم أو العالم يقوم بتجهيل الجميع هنا تكون الكارثة.
ونجد الدولة هنا تقف هادئة ساكنة وكأن لم يحدث شيئا فتجاهلت الكتاب وأوضاعهم وأنني لكنت أطلب من دولتنا الراشدة أن تضع حدا بالقانون للعابثين وأن تضع ضوابط ليس للفكر ولكن ضوابط عامة تحمي المجتمع من عابثي الفكر والجاهلين.
وقد طالبت مرارات وتكرارا بضرورة فصل العمل الحكومي عن الإبداع فالمبدعين يجب أن يكونوا غير محدودي الفكر وغير مسلوبين الإرادة وحينما يخضع المبدع لبيروقراطية القرار وبيروقراطية الفكر تكون العملية بأكملها محسومة بأن لا فكر ولا ابداع وثقافة ولا فن.
فماذا سيحدث إن تم تكوين مجلس أعلي للثقافة والفنون يكون قوامه من الشباب والكبار من ذوي الفكر فهم لديهم من العقل والموهبة والإبداع ما يكفي للنهوض بالوضع الثقافي المتردي لدينا وان الدولة ليس عليها سوى أن تاتي بقوة القانون لتذيب الجلطات الفكرية والبشرية التي تجعل كل من يملك عقل وفكر يتعثر داخل أروقة الدولة الدولة المختلفة
فليس كل من يملك المال من أشباه المثقفين وإنصاف المبدعين يكون لديه الحق في التحكم بمصائر الأمور والتلاعب بالجميع ونشر الفكر المتردي بين طبقات الشعب المختلفة، بعد أن كنا في مصاف الدول التي تشع فكر وثقافة وفن وحياة ضللنا الطريق ولإضفاء المشروعية نقول عنها “حرية فكر وابداع”.
من حق كل شخص أن يكون له العنان والحرية في الابداع والفكر ولكنه حينما يكون فكرا من الأساس وليس كل من لديه عبث يريد نشره لمجرد أنه يملك قوة المال او قوة العلاقات الإعلامية يبث سمومه بين الناس.
وعلي سبيل المثال كانت دوما هناك مقولة يرددها الجميع بين الأوساط الفنية والثقافية بأن القارئ او المشاهد يملك ان يفعل ما يشاء وان العملة الجيدة تملك قوة الطرد للعملة الرديئة ولنترك الناس اسياد اختياراتهم.
وهذه مقولة خاطئة تماما وتلاعب واضح بمجريات الأمور وكانت سبب في كوارث فكرية أدت الي الوضع الذي نحن بصدده الان وللتوضيح ببساطة متي تطرد العملة الجيدة الرديئة؟
تطردها في حال توافر عدة عوامل ان يكون المتعامل بهذهع العملات يعي جيداً ماهيتها وان يكون لديه القدرة علي قراءة ما تحويه من قيمة وما هي تابعتها وثانيا ان تكون العملات الجيدة تملك قوة الوجود أي انها موجودة بالفعل بنسبة نفوق العملة الديئة او تساويها، ولكن ان كانت كل العملات رديئة دون نسبة ضئيلة جدا حتي اعتاد المتعامل عليها عندها يفقد قيمة العملة الجيدة والإحساس بها بشكل فعلي.
وعلي نطاق عملي اذا كنا نصدر عادة في العام 1000 كتاب فمن المتوقع في أي دولة منظمة لعملية النشر بشكل جيد ان تكون نسبة الكتب التي لا تملك القيمة العالية هي 20% فان لدينا اكثر من 800 كتاب ينافس بقوة ويستطيع طرد أي عملة رديئة وهنا استطيع أن أثق بعقل القارئ لانه سيتوجه الي الأفضل بين الأفضل.
وإذا كان الوضع معكوس وهذه رفاهية فالوضع أسوأ والعملة الجيدة في الأوساط الثقافية اقل من 10% بكثير فعلي القارئ في البداية ان يكون اكثر ارهاقا في البحث عن الكاتب الذي يمتلك فكر وذو عقل نابغ وفي المرة الثانية لن يبحث عنه فسيبحث عن الاسهل وهو الأفضل بين الأسوأ او علي الأقل ان يبتعد عن الأكثر سوءاً.
وستظل العملية في تراجع ىمستمر حتي تموت الأمة وينطفئ نبراس الثقافة والفن ويسود الجهل والخرافة وتختفي العقول الواعية والعقول التي في بداية الطريق سيغطيها وابل الزمان ونكون لا شيء بعد ان كنا كل شيء ولا يكون لدينا قوة سوي لقوة الذاكرة في استرجاع الماضي كما نفعل الان.
ولحسن الحظ ان دائما هناك امل وان الوضع يمكن السيطرة عليه اذا كنا نريد ان نقود الامة فعليا فسنقودها بالعلم والأمل والفن والثقافة ان اقوي سلاح ستجده هو سلاح المعرفة وكما أشار السيد المسيح ان اقوي السيوف هو سيف الجلالة أي الحق والمعرفة انه سلاح قوي نافذ عابر للأكوان يخترق القلوب ويصنع الأمجاد.
نحن نمتلك القوة والعقول والعدد ولا نحتاج سوى لضمير واع ومبادرة قوية يتبعها قانون حتي لا تقوم كالعادة العملة الرديئة بطرد العملة الجيدة كما يحدث في الأوساط الثقافية والفنية جميعا.
سادتي الكرام اساتذتي وجميع المسؤولين والقيادات علي كافة النواحي والمستويات ان الفكرة اقوي سلاح وان الثقافة والفن امن قومي وتاثيره اقوي من أي سلاح عسكري فتاك ان السلاح العسكري يدمر اشخاص يستطيع تدمير دول انما لا يستطيع تغييب عقل ولا يحكم قبضته علي ضمير!
واما الفكرة فهي كالسرطان تبدأ بكلمة واحدة ثم تنتشر وتنتشر لتصبح قاعدة عرضة وتنتشر اكثر لتصبح شئيا عادياً واكثر قليلاً فتكون نمطا وأسلوب حياة وقد بدأت بكلمة واحدة وان جميع الأديان والانبياء قد هبطوا لاجل كلمة الحق “كلمة” قاومها الجميع أولا ثم انتشرت حتي أصبحت ركائز البشرية جمعاء.
سادتي الكرام انهم يصنعون الان اديان تناسبنا وتناسبهم انهم يصنعون فكر وثقافة يناسبهم كثيرا ليموتوا قوة الامة وسلاحها الفتاك وهم الكلمة بخلق والضمير انهم يعدون لنا ما نستحق عندما نغييب تحكيم الضمير!
انني امام الله تعالي واشهده انني قد دققت ناقوس الخطر مبكراً قبل فوات الأوان اننا نهبط بسرعة شديدة الي القاع والعلاج قد يكون يسيرا الان وهو ان نلتفت ونضح حداً للبعض من ناشري السموم ونفتح الطريق ليركد أصحاب العقول والضمير لنعيد كفة الميزان الي وضعها الصحيح.
نقود امتنا الي ما هو صحيح فإنه إذا نظرت مصر الي اتجاه بعينه اتجهت انظار الجميع معها أي اننا وقع محتوم علينا مسؤولية الجميع يجب ان ننتبه قبل فوات الأوان، لا تجعلونا طعما صائغاً لنظرية الحداثة والتغريب لا تجعلونا نقع بايدينا في دولة قد أسموها بدولة العالم الحر الجديد والسبب أختياراً خاطئا من البداية بيروقراطية كسل بعض الموظفين.
وأعتذر للجميع إن كنت قد أطلت أو احتديت في حديثي ولكنه دوما الضمير صوته مرهقاً وقوياً وقد يكون مزعج للبعض ممن لديهم أنصاف ضمير أو قد يكون مزعج للجميع.
Source link