التوبه من الذنوب وعلامات قبولها article
وعد الله سبحانه وتعالى أن يغفر الذنوب عن عباده التائبين ما لم يُشركوا به شيئاً، وما داموا قد شعروا بعظمة الذنب وتوجهوا إلى ربهم بالتوب...
معلومات الكاتب
وعد الله سبحانه وتعالى أن يغفر الذنوب عن عباده التائبين ما لم يُشركوا به شيئاً، وما داموا قد شعروا بعظمة الذنب وتوجهوا إلى ربهم بالتوبة رغبةً بنيل مغفرته والنجاة من عقوبته، وقد دعت الآيات القرآنية الصريحة والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة عباد الله المخطئين إلى الإقبال على الله سبحانه وتعالى وعدم القنوط من رحمته بسبب كثرة معاصيهم، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
إنّ المعصية والذنوب قد ترد على جميع المسلمين على تفاوت قربهم من الله أو بعدهم عنه، حيث إنّ الإنسان مجبولٌ على الخطأ ومهما بلغ من الإيمان والتقوى لا بدَّ من أنّ تمرُّ به ساعة ضعفٍ وتقصير، كما أنَّ من علامات التقوى والصلاح عند المؤمن أن يسعى لأن يغفر الله ذنبه إن عصاه، فالمؤمن يرى الذنب الصغير كأنما هو جبلٌ يوشك أن يقع عليه، فيلجأ للاستغفار من الصغائر والكبائر؛ قال تعالى بحق هؤلاء: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
فما هي شروط التّوبة الصادقة؟ وما هي كيفيتها؟ وهل يُمكن للمسلم أن يعلم إن كان الله قد غفر له بعد توبته؟
شروط التوبة الصادقة
إنّ الله سُبحانه وتعالى قد أوجب محبّته لكل من يستغفره ويتوب إليه مما يرتكب المعاصي والذنوب؛ وقد أخبر الله عباده بطريق الوحي الثابت أنه يفرح بتوبة عبده وأوبته إليه، وأنه يباهي ملائكته بعبده التائب، ويُشهدهم أنه قد غفر له ما كان منه من المعاصي والذنوب إن كان صادقاً في توبته مُخلصاً فيها،[٤] لذلك ينبغي على المسلم إن وقع بذنبٍ أو معصيةٍ أو فتر عن العبادة والطاعة، أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى، ويُعلن التّوبة مما وقع فيه من الذنوب، وحتى تقع التوبة صحيحةً فإنه تُشترط لها مجموعةٌ من الشروط، بيانها كما يلي:
– الندم على ما فعل من الذنوب والمعاصي: ويأسف على وقوع تلك الأفعال منه ويكره ذلك الفعل بعدما فعله، فيجب عليه أن يُدرك أن ما قام به من المعاصي والذنوب، أو ما فرَّط فيه من الطاعات والمأمورات لا ينبغي أن يحصل منه، فيندم على ذلك، ويتحسر عليه، ويتمنى لو لم تقع منه تلك الأفعال.
– الإقلاع عن الذنب: فينبغي على التائب أن يُقلع عن الذنب، ويتوقف عن إتيانه حالاً، وذلك من أظهر معاني التوبة وأوضحها، والذي من خلاله يبين صدق التوبة أو زعمها من التائب، فإن التوبة لا تتضح معالمها ولا تصحّ عند الله إلا بالإقلاع عن مُسبباتها التي هي الذنوب، أما إن تاب العبد واستمر في المعصية وأقام عليها فذلك دليلٌ على كذب ادعائه التوبة.
– العزم على ألا يعود للمعصية أبداً: ويُعلن ذلك ويُشهد الله عليه، ويدلُّ هذا على صدق التوبة عملياً وصحتها.
– أن تكون توبته في الوقت الذي تُقبل فيه التوبة: فيجب على التائب حتى تُقبل توبته أن تقع في الوقت الذي تُقبل فيه، وهو كلُّ وقتٍ إلا ما جاء النصُّ في عدم قبول التوبة فيه، كأن يتوب بعد طلوع الشّمس من مغرِبها، أو يتوب هرباً من الحساب والعقاب بعد أن يجد ألا مفرَّ من الموت، كما حصل مع فرعون عندما أغرقه الله وجنوده.
علامات قبول التوبة
– أن يجد التائب حُرقةً في قلبه وألماً في نفسه على ما قام به من الذّنوب والمعاصي.
– أن ينظر التائب إلى نفسه بعين التّقصير، ويشعر أنه مذنبٌ بحق خالقه، وأنه يجب عليه أن يتوب إلى الله، فإن لم يكن ذلك حاله كان ذلك دليلاً على عدم صدق التوبة، وعدم قبولها بالتالي.
– أن يبتعد التائب عن كلِّ ما يؤدّي به إلى الرجوع إلى الذنب الذي تاب منه، ويبتعد عن الأسباب المؤدية إليه والطرق المفضية إلى الوقوع به.
– أن يُقبِل العبد التائب على ربه بأن يتقرب إليه بأبواب الطّاعات والنّوافل فضلاً عن الفرائض، ويسعى بكل جهده للبعد عن المُحرَّمات، ومما يُعين على ذلك الابتعاد عن رفاق السوء.
– أن ينظر التائب إلى أنَّ توفيق الله له بالتّوبة نعمةٌ من نعم الله التي أنعم بها عليه، فيحافظ عليها ويتمسك بها ويشكر الله أن رزقه بها كأي نعمةٍ أخرى تستوجب الشكر من أنعم الله العديدة.
Source link