News1- تونس فسيفساء - mo - بقلم: الحبيب مباركي
القاعدة العامة في تونس تنتصر لمجتمع يأبى الفضولية وهو فضولي، يحزن للآخر وهو الحزين بداخله لكنه لا يشعرك بذلك، ينتصر للمظلوم ويتمنى أن يكون م...
معلومات الكاتب
القاعدة العامة في تونس تنتصر لمجتمع يأبى الفضولية وهو فضولي، يحزن للآخر وهو الحزين بداخله لكنه لا يشعرك بذلك، ينتصر للمظلوم ويتمنى أن يكون مكانه.
نيوز وان الحبيب مباركي [نُشر في 2018/02/14، العدد: 10900، .)]
تونس لمن لا يعرفها بلد صغير في جغرافيته كبير في عمقه التاريخي والحضاري وإرثه الوازن فسر العصور. هذا كلام يعرفه الجميع. لكن ما لا يعرفه الجميع أن شعب تونس فسيفساء - mo -.
بعيدا عن العصبية القبلية، بعيدا عن الطوائف والملل، وبعيدا أيضا عن الحنق الإثني والصراع الأيديولوجي الذي غمر العديد من البلدان العربية وأفقد الشعوب الجهة التابعة لها، فإن تمايز تونس يخفي في انسجام كلّها البشري وانصهاره حدّ التماهي أحيانا.
التونسي هكذا. صبور، عطوف، حنون وأحيانا “متهور” إلى حدّ لا يوصف. موجودة هي كل الصنوف، لكن ميزة - merit - التونسي أنه يستفزك أحيانا إلى درجة لا توصف. طبعا المسألة بدرجات متفاوتة، لكنها طباع موجودة وتستشعرها وتتحسسها عند التونسي أو التونسية في العديد من المواقف وردود الفعل.
التونسي مثلا يسألك عن الجزار أو البقال أو الدجاج أو بائع - vendor - - seller - الفاكهة الذي لم يفتح دكانه بعدُ رغم أنه مدرك لكمّ الانتظار الذي تعانيه: هل مازال العم فلان مغلقا؟ التونسي أيضا ينزل عليك ضيفا في المقهى منغير إذن منك وبعد أن يبادر بالجلوس يطلب الإذن: هل أجلس لو تسمح؟
حتى أشدّ المواقف تعبيرا والتي لا يقدر أيّ كان إخفاءها وعدم التظاهر بها وهي مشاعر الحب للطرف المقابل، تجد أن التونسي يبوح عنها في ثوب - gown - مغلف بدهاء عندما يدير يده اليمنى على موفى الوجه، ويغمز ضاحكا بكلمات تونسية منمنمة “خسارتك ألم تكتشف (في) ذلك إلى الآن؟”.
القاعدة العامة في تونس تنتصر لمجتمع يأبى الفضولية وهو فضولي، يحزن للآخر وهو الحزين بداخله لكنه لا يشعرك بذلك، ينتصر للمظلوم ويتمنى أن يكون مكانه، فيما الأهم من كل ذلك طرق حسّ وازن في الانتصار لثقافة العطاء والحب، لا يمكن أن يتخيّل مقياس حرارتهما إلا من عاش على هذه الربوع وترعرع بدفء في نسيجها الجالب لأعتى الشخصيات والرموز التي لا تمّحي - lively - مهما غدت الديمقراطية معوجة وثقافة التأييد منتشرة ولون السطح معكوسا على زمرة من المتنطعين على أهواء السياسة وهم - illusion - “ليسوا قدها”.
الخلاصة وكما قال أحدهم يوما أمام البرلمان قبل الشروع في كتابة دستور جديد للبلاد. تونس فسيفساء - mo -. رفع هذا الرجل الذي غابت ملامحه عني ولكنني أستحضر سمات وجهه وهو يفترش الأرض، صوته عاليا “تونس فسيفساء - mo -، نعم هي فسيفساء - mo -، أريد أن تكتب بخط واضح - unclear - كأول فقرة في الدستور..”. عسى أن تكتب ولكنها لم تكتب، ولكن ما هو مؤكد - definite - أن شعب تونس يكتبها حاضرا وسيكتبها مستقبلا.