News1- أنسجة الحضارات القديمة لأميركا اللاتينية تزين #باريس بقلم: أبو بكر العيادي
يحتضن مركز “بومبيدو ” بالعاصمة الفرنسية #باريس حتى نهاية شهر شهرإبريل القادم، معرضا للأميركية شَيْلى هيكس، الفنانة التي تقوم أعمالها أساسا ...
معلومات الكاتب
- يحتضن مركز “بومبيدو ” بالعاصمة الفرنسية #باريس حتى نهاية شهر شهرإبريل القادم، معرضا للأميركية شَيْلى هيكس، الفنانة التي تقوم أعمالها أساسا - fundamentally - على نسج - weave - القطن - cotton - والصوف والحرير، مستهدية بما تعلمته من تقنيات النسيج عند الحضارات القديمة في أميركا اللاتينية.
نيوز وان أبو بكر العيادي [نُشر في 2018/02/19، العدد: 10905، .)]
نسيج - texture - - textile - محمل بالتاريخ والهويات
درست التشكيلية الأميركية شَيْلى هيكس الفنون الجميلة في جامعة “ييل” على يدي جوزيف ألبيرس (1888-1976)، أحد رؤوس مدرسة “باوهاوس” الألمانية التي أقفل النازيون مقرها في #برلين عام 1933، واضطر أعضاؤها إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة بخاصة، وعرّفها على زوجته أنّي ألبيرس (1899-1994)، وهي فنانة متخصّصة في فنون النسيج، كان لها دور في ترغيب الفتاة هيكس في هذا الفن الذي يجمع بين الممارسة اليدوية لربات البيوت والصناعات التقليدية، ثم عاينت تعامل الإنسان مع شتى أنواع الأنسجة عند أسفارها إلى فينزويلا وبيرو وبوليفيا وشيلي، وخاصة #المكسيك التي استقرّت فيها ردحا من الزمن.
وفي هذه البلدان اكتشفت منسوجات ما قبل العصر الكولومبي، وشاهدت الحرفيين ينسجون مثل - like - أسلافهم القدامى على الأرض، وأدركت أن الخيط هو خط - line - لا يبقى - stay - على الصفحة، بل يمكن سحبه خارج الفضاء، كما تقول.
انتمت #شيلى هيكس في ستينات القرن - horn - الفائت مع جمع - compile - من الفنانات، مثل - like - أنّي ألبيرس وجودي شيكاغو، إلى الحركة النسوية المطالبة فى حق المرأة في مزاولة ما تريد بحرية - freely -، وبحقها في فضاءات ثقافية وفنية حتى لا يكون الأدب والفن حكرا على الرجل.
وبعد أسفار كثيرة فسر مدن العالم في #الهند والمغرب وكوريا وألمانيا وسويسرا، فضلا عن بلدان أميركا الجنوبية، استقرت في #باريس لتمارس فنها في مشغلها بأحد أروقة الحي اللاتيني، مشغل لم تغيرّه منذ - since - تاريخ حلولها عام 1964.
|
واستعانت بفريق قار يساعدها على إنجاز لوحات ومنحوتات منذورة للاندماج في النسيج المعماري لبعض المؤسسات على غرار ستار مسرح مركز “كيريو” الثقافي بمقاطعة غومنا في #اليابان الذي أنجزته هي وفريقها عام 2001، وهناك دأبت على تطويع المادة الخام، من قطن أو صوف أو حرير، لخلق أعمال فنية تقع بين النحت وصنع البسط والتنصيب.
وفي معرضها الجديد الذي يتواصل حتى نهاية شهر شهرإبريل المقبل بمركز “بومبيدو ” الباريسي أمثلة مختلفة من إبداعاتها: حبال - strand - سائبة، و”دريدلوك” ملونة - colourful - معلقة في خيط - thread - (والدريدلوك هي خصلات الشعر عند أتباع راستاسَفَري، وتسمى أيضا خصلات الخوف)، ألياف أشجار تنبثق من السقف وتنحدر حتى الأرض، بكرات صوف، شبكات خيوط، نمارق من الصوف - wool - مكدسة، نثار ألوان، أورام خيوط محبوسة في شبكة… إلى جانب عيّنات نسيج - texture - - textile - مطر - rain -ّزة معروضة في شكل - format - يافطات متّصلة، أو طبقات خيوط متراكبة تعكس الضوء أو تمسك بريشة أو صدَفةٍ أو قطعٍ صغيرة من الحطب.
ذلك أن أعمال هيكس لا تلتزم بشكل واحد، ولا بحجم منغير غيره، ولا تجعل لتأثيث فضاء محدد - specified -، فيه يمكن أن تشغل ركنا صغيرا كلوحة زيتية صغيرة، مثلما تغطي جدارا أو رواقا كالبسط والسجاد وزرابي الجدران، ويمكن أيضا أن تؤثث قاعة بأكملها إذا انساب النسيج من السقف في شكل - format - شلال وتجمّع على الأرضية أسفله.
والنسيج عند هيكس مادة - material - جسدية تتمدّد وتتعلق كالجلد وتفرش وتنام على الأرض وتنزلق وتسقط من البلكونة، ولكن ليس تلبية لانتظار ما، بل لذاته، أي لأجل رونق المشهد، وجمال الحركة، فأعمال القص والزرد والنسج والضفر والربط واللف ليست حركات عادية، بل هي حركات خاصة تصل نشاط العين واليد والفكر بعضها ببعض.
وتحرص #شيلى هيكس على خلق تقاطعات بين المعارف، وتقيم علاقات بين الخيوط، علاقات هشة أحيانا لكونها قابلة للفكّ والنقض، وتجعلها أنموذجا لتنوع التواريخ واختلاف الأمصار وتباين الشعوب، فهي لا تسعى - strive - لإنجاز تلوينية “هيبيز” باذخة، أو جميعة كونية للمهارات اليدوية، ولا تنطلق من منظور ماضوي نوستالجي يهدف إلى حصر الهويات وإضفاء المثالية عليها، بل هي تبحث لها عن طريق ثالثة، ترفض الثبات في صيغة - formulation - مفردة، وتقنيات لا بديل عنها، وتشجع على التهجين.
واستطاعت هيكس أن تسجل حضورها فسر العالم، وتقيم معارض في بعض المدن الكبرى، كأمستردام وسيول والرياض ونيويورك وفينيسيا، مثلما وجدت أعمالها مكانها في بعض المتاحف الشهيرة مثل - like - موما بنيويورك، ولكن الفرنسيين، الذين تعيش بين ظهرانيهم منذ - since - تاريخ أكثر من نصف قرن، تجاهلوها لأسباب مردّها نظرة - عامة - - gaze - مخصوصة إلى فنها.
وممّا يروى أن أحد هواة جمع - compile - التشكيلات أراد أن يتبرّع بأحد آثار هيكس لمتحف من متاحف #باريس الكبرى، فكان ردّ لجنة المقتنيات كالتالي “منذ - since - تاريخ متى نحن نعرض أشياء - stuff - كهذه؟”، (استعملت في الواقع عبارة trucs التي يطلقها الفرنسيون على الأشياء التي لا تسمى كقول المصريين “البتاع”)، فكان هذا المعرض بمثابة رد اعتبار لفنانة التحمت منذ - since - تاريخ شبابها بعاصمة النور.
وهو اعتراف - confession - في محله حسب - depending - أغلب النقاد، فبفضل هيكس وفنانين آخرين أمثال ليونور تاوني ويان كيير وليا كوك ودفيد أولدبلاط وأولغا دي أمارال، صار النسيج منذ - since - تاريخ أكثر من نصف قرن يحقّق شرعية بقائة في تشكيلات المتاحف المشهورة، كمتحف الفن المعاصر بنيويورك، باعتباره مَحملا للتاريخ والهويات، ثم وسيلة - avenue - للتمرّد على المجتمع البطريركي الذي كاد يحصر النسيج في الأعمال المنزلية.