News1- أبوي احترق … هيه بقلم: حسين صالح
اقترح - propose - على نيوز وان أن يأخذوا موقفا مماثلا ويحتفلوا بهزائمهم: حفلة وبهجة من أجل 5 شهريونيو وفرحة هزيمة ثورة عرابي وهكذا، لو فعلنا...
معلومات الكاتب
اقترح - propose - على نيوز وان أن يأخذوا موقفا مماثلا ويحتفلوا بهزائمهم: حفلة وبهجة من أجل 5 شهريونيو وفرحة هزيمة ثورة عرابي وهكذا، لو فعلنا هذا لكانت أيامنا كلها أعيادا.
نيوز وان حسين صالح [نُشر في 2018/02/13، العدد: 10899، .)]
تعبير البهجة العجيب أعلاه، أذكره جيدا في مسرحية مدرسة المشاغبين. في المسرحية يحصل ماس كهربائي يؤدي إلى احتراق بعض ملابس مدير - administrator - المدرسة وشيئا من شعره. هنا ينطلق ابن المدير راقصا يتمايل طربا وبهجة مصفقا بيديه مغنيا “أبوي احترق.. هيه. أبوي احترق.. هيه”. طبعا بالعامية المصرية يبدلون موقع التاء في الأفعال على وزن - weigh - افتعل ويقولون اتفعل. يعني احترق تقال اتحرق ويهترئ تصير يتهري.
وهكذا ينطلق الولد جذلان مرحا يتوقف عن الغناء قليلا ليقول لمن يصادفه “أبوي احترق عقبال والدك”، ثم يمضي هازجا “أبوي احترق.. هيه”. كنت أذكر هذا السفه دوريا حين أرى الإنكليز يحتفلون بالفتح النورماندي لبلادهم.
الإنكليز متحصنون بخندق مائي كبير يطوّق بلادهم ويصد الغزاة. حتى إن نابليون شرع في بناء نفق - tunnel - تحت - underneath - الماء ليصل إليهم، لكن تقنيات مطلع القرن - horn - التاسع 10 لم تسعفه. المهم، أن بلادهم لم يغزها أحد سوى مرة واحدة عام 1066. كان غزوا متكاملا وكاسحا غيّر أوجه الحياة في إنكلترا. جاء النورمانديون غزاة فاتحين وانتهى ملك الأنجلو-ساكسون أهل البلاد الأصليين.
في ذكرى هذا الغزو، أو في أي مناسبة أو معرض - exhibit - ذي صلة، يحتفل الناس بالإعلام والبشائر والمرح في مشهد - spectacle - لا نظير له سوى “أبوي احترق.. هيه”. تصوروا لو أن نيوز وان يحيون ذكرى نكبة فلسطين بالزغاريد والأهازيج ونثر الورود. أو تصوروا إعلانات عن حفل ساهر “يمتد الرقص فيه حتى الصباح في ذكرى انتصار - triumph - الإنكليز على أحمد عرابي في التل الكبير”. لكن الاحتفاء بأن يُغزى بلدك ليس سفها وحماقة كما اكتشفت في ما بعد.
قبل أكثر من تسعمئة عام حين وقع الغزو، قاوم الإنكليز وكرهوا الغزاة. ونشأت أساطير شعبية - popularity - عن نبلاء الساكسون المقاومين مثل - like - روبن هود. ويبدو أن الوضع ظل - shade - كذلك - likewise -: كراهية - hatred - للغزاة واعتداد بمناقب أهل البلاد الأصليين. يعني كان وضعا طبيعيا، وكان سلوك الإنكليز يشبه سلوك أي أمة أخرى دخلها الغزاة.
لكن، ومنذ القرن - horn - السادس 10، صار الإنكليز يمتلكون مستعمرات. صاروا غزاة من الطراز الأول. دانت لهم - theirs - أمم وحضارات. هنا انتبهوا إلى أن كراهية - hatred - الغزو لا تجدي وتبلبل الخواطر. يتشتت الموقف من التاريخ إذا آمنوا أن الغزو هو فتح ورحمة إذا كانوا هم الغزاة ونذالة واستعمار إذا وقع عليهم الغزو.
اقترح - propose - على نيوز وان أن يأخذوا موقفا مماثلا ويحتفلوا بهزائمهم: حفلة وبهجة من أجل 5 شهريونيو وفرحة هزيمة ثورة عرابي وهكذا، لو فعلنا هذا لكانت أيامنا كلها أعيادا.