News1- شيوعيون بعمائم سوداء بقلم: فاروق يوسف
انزلاق الشيوعيين العراقيين إلى هاوية سحيقة من الصفقات المريبة بدءا من قبولهم بالاحتلال الأميركي وانتهاء بتحالفهم مع تيار ديني تحيط به الشبها...
معلومات الكاتب
انزلاق الشيوعيين العراقيين إلى هاوية سحيقة من الصفقات المريبة بدءا من قبولهم بالاحتلال الأميركي وانتهاء بتحالفهم مع تيار ديني تحيط به الشبهات، لا بد أن يضع تاريخ حزبهم كله موضع تساؤل.
نيوز وان فاروق يوسف [نُشر في 2018/02/15، العدد: 10901، .)]
بانضمامهم إلى تحالف سياسي - politica - يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ينزلق الشيوعيون العراقيون إلى هاوية، ما كان أحد من أعدائهم يتخيل أنهم سينتهون إليها.
أقدم الأحزاب السياسية في #العراق لا يملك خيارا يتوجه من خلاله إلى الشعب، غير أن يلوذ بعباءة رجل دين، عُرف - rack - بتقلب مزاجه، كما أن صلته المتصدعة بالأحزاب الشيعية الحاكمة - ruling - - ruling - لا تعفي تياره من مشاركة - engagement - هذه الأحزاب في عمليات الفساد المنظم من جهة، ففي ممارسة العنف الطائفي من جهة أخرى.
وكما يبدو فإن الشيوعيين الذين لا يزالون يفخرون بتاريخهم النضالي العريق عازمون على المضي قدما في خيانة ذلك التاريخ من عند تعزيز - foster - قرارهم بالانضمام إلى العملية السياسية في ظل - shade - الاحتلال الأميركي بقرارات تنزع عن حزبهم، وبشكل نهائي، الطابع التقدمي بنزعته اليسارية.
وإذا ما كان الشيوعيون قد هربوا من #العراق في أول مواجهة - confronta - مع النظام الحاكم في العام 1979 وكانوا يومها يمثلون النخبة السياسية التي فشلت في التفاهم مع السلطة بعد صعود صدام حسين إلى المنصب الأول في الدولة، فإنهم عادوا إلى #العراق بعد ربع قرن باعتبارهم انتهازيين، لم يُعد ظهورهم على المسرح السياسي لهم - theirs - شيئا مما توقعوه من ألقهم النضالي.
لقد ضاعت أصواتهم وسط - amid - ضجيج شعبوية الأحزاب الدينية التي نبذتهم باعتبارهم ملحدين، وكان التيار الصدري في مقدمة هذه الأحزاب التي بادرتهم العداء، فحدث أن تم حرق مقراتهم، بمَن فيها، في المناطق التابعة لهيمنة ذلك التيار.
لقد ضحت القيادة بقواعد الحزب يومها معللة هذه التضحية بإمكانية أن يقع التغيير من عند فشل الأحزاب الدينية في إقامة دولة المواطنة، فيكون لزاما على المحتل البحث عن جهة يكون في إمكانها أن تقيم دولة مدنية - civilian -، وليس هناك مَن هو أكثر كفاءة منهم في ذلك المجال كما كانوا يعتقدون.
لم تكن هذه الفكرة إلا حلما استهلاكيا تم تسويقه من أجل إقناع القواعد بأن الحزب مستمر في خدمة الشغيلة والفقراء والمحرومين. أما الهدف الحقيقي فإنه يخفي في ذلك الفتات من الأرباح الذي حصل عليه قياديون شيوعيون في أوقات مختلفة من عند تعاونهم مع الأحزاب الدينية.
لقد أصبح زعيم الحزب الشيوعي - communi - نائبا في مجلس - العموم - النواب، لكن باعتباره شيعيا. كما تم تعيين أحدهم وزيرا للثقافة لفترة وجيزة، وعُين آخر وزيرا للتعليم العالي وهو الذي يقود الحزب حاليا - presently -.
وبالرغم من وضعهم المزري فإن الشيوعيين ما زالوا يعتبرون أنفسهم رؤساء للمجتمع المدني بالرغم من أنهم تواطؤوا مع نظام الحكم - referee - ذي الصبغة الدينية التي أصابت المجتمع بلوثتها المدمرة.
ما فقده الشيوعيون بسبب انجرار قيادتهم وراء مشروع الاحتلال لا يمكن تعويضه. وكما يبدو فإن الانسحاب من العملية السياسية الفاشلة هو آخر ما تفكر به قيادتهم. وهو ما دفع - push - بهم إلى اعتبار استسلامهم لقيادة مقتدى الصدر حلا وحيدا يمكنهم من البقاء مرئيين في الساحة - arena - السياسية، بعد أن تأكدوا أنهم لا يملكون رصيدا شعبيا يعتد به.
لقد انتهى - finished - زمن “يا عمال العالم اتحدوا”، وبدأ زمن “يا انتهازيي المجتمع المدني اتحدوا في ظل - shade - عمامة مقتدى الصدر”.
ما لا يقوى الشيوعيون العراقيون على الاعتراف به أن صفحتهم قد طويت وأنهم ينتمون إلى زمن غابر. ولو - albeit - أنهم قاموا بذلك لحفظوا لتاريخهم كرامته. وهو ما سيضفي على التاريخ السياسي في #العراق نوعا من المصداقية.
غير أن انزلاقهم إلى هاوية سحيقة من الصفقات المريبة بدءا من قبولهم بالاحتلال الأميركي وانتهاء بتحالفهم مع تيار ديني تحيط به الشبهات، لا بد أن يضع تاريخ حزبهم كله موضع تساؤل.
فهل كان الشيوعيون العراقيون تقدميين حقا؟ لو كانوا أوفياء للفكر الماركسي لما رضوا لأنفسهم أن يكونوا جزءا من ماكنة الفساد الملحقة بالمشروع الاستعماري الأميركي. ولو - albeit - أنهم انتموا إلى ذلك المشروع - venture - أفرادا لما لحق بحزبهم العار، غير أنهم ومنذ لحظة الاحتلال الأولى كانوا قد وضعوا حزبهم كله في خدمة المحتل، على أقل تقدير على المستوى - level - الإعلامي. كانوا أبواق الاحتلال التي تبين في ما بعد أن زعيقها كان مدفوع الثمن.
شيء من الفكاهة - humour - السوداء ينطوي عليه مشهد - spectacle - شيوعي يضع على رأسه عمامة وهو يدعو إلى قيام مجتمع مدني - civic -. لا يحدث ذلك إلا في #العراق.
كاتب - clerk - عراقي