News1- أفلام الرعب تساعد الإنسان في التغلب على الخوف بقلم: نهى الصراف
هل ينقصنا الرعب في حياتنا الواقعية، حتى نلهث خلفه في شاشات السينما؟ تؤكد إحصاءات وإيرادات شبّاك تذاكر صالات عرض - width - السينما في العالم،...
معلومات الكاتب
- هل ينقصنا الرعب في حياتنا الواقعية، حتى نلهث خلفه في شاشات السينما؟ تؤكد إحصاءات وإيرادات شبّاك تذاكر صالات عرض - width - السينما في العالم، على أن أفلام الرعب هي الأفلام التي تحقق أكبر نسبة من الأرباح في شبّاك التذاكر، بعائدات قد تتجاوز أرباحها الكلفة الإنتاجية بالملايين من الدولارات، طبعاً من منغير احتساب الدخل القادم من الإصدارات المنزلية والتلفزيون التي قد تمثل جزءا كبيراً من أرباح الفيلم.
نيوز وان نهى الصراف [نُشر في 2018/02/16، العدد: 10902، .)]
أفلام الرعب تحاكي الواقع
تشمل مواضيع الأفلام الأكثر جذبا للناس؛ الأشباح، مصاصي الدماء والأفلام التي تتحدث عن سيناريوهات نهاية العالم. فلماذا يسعى المشاهد العادي إلى هذا النوع من التسلية المخيفة يا ترى - deem -؟ وماذا يمكن أن تقدّمه لنا - ours - هذه النوعية من الأفلام؟
تؤكد الدكتورة كارول بيرسون؛ مؤلفة أميركية، ورئيسة معهد باسفيكا للدراسات العليا المتخصص في علم النفس ومديرة أكاديمية - academy - جيمس ماكجريجور للقيادة، أنّ عوامل تغيير - changing - المناخ والتهديد الإرهابي الذي يشهده العالم إضافة إلى التهديد النووي، دفع - push - الناس إلى البحث عن منافذ لتفريغ شحنات خوفهم وغضبهم على هذا الواقع الغريب - curious -، فلم يجدوا غير أفلام الرعب، خاصة هذه التي تتحدث عن سيناريوهات نهاية العالم.
وتعمل مثل - like - هذه الأفلام كمكالمات الهاتف التي توقظنا في منتصف الليل، لتبلّغنا الأخبار السيئة وتسبب لنا - ours - الرعب، فالكثير منّا يرى في الواقع أحداثاً مرعبة قد تتجاوز ما تقدّمه السينما بكثير؛ طريقة - recipe - الحياة السريعة حد تقطّع الأنفاس، الحاجة إلى تعلم - learning - أشياء - stuff - جديدة باستمرار - consisten - لمواكبة التطوّرات الهائلة، فرص العمل الشحيحة، الاختلافات الثقافية في العالم والي بداخل البلد الواحد وتشتّت المعتقدات وترهل الثقة بما هو أصيل وصالح، وبعد كل هذا، انعدام الأمن.
ولهذا، يتحوّل الشعور بعدم الأمان من واقعنا المزعج إلى اللجوء - asylum - إلى سيناريوهات أكثر رعباً وتتمثل بعدم منطقيتها وظلامها المقيت، الخيال - imaginat - -الفيلم- الذي يصارع فيه الممثلون خوفا وفزعا مسلطين على رقابهم في تجارب رهيبة وأسوأ مما نعيشه في الواقع، وهم - illusion - حين يتغلبون على مخاوفهم هذه ويستجيبون لها بطرق بطولية، فإنهم في الحقيقة يمنحون المشاهد جرعة من أمل للتخلص من مخاوفه الشخصية.
الأفلام التي تقدم مشاهد - viewer - القتل والصراع من أجل البقاء تمثل تعبيرا مجازيا لما يمر به الناس في الحياة الواقعية
كما أن مشاهدة هذه الأفلام تعمل على تفريغ - discharge - - discharge - شحنات كبيرة ومتراكمة من انفعالات الخوف والغضب التي تستحوز على مشاعر الإنسان المعاصر.
ويرى متخصصون، بأن مشاهدة أفلام الرعب يمثّل تنفيساً وتطهيراً ذاتياً يقدّم الدعم للإنسان المعاصر للتعامل مع مخاوفه؛ فالأفلام التي تقدّم الفظاعات ومشاهد القتل المجاني والصراع من أجل البقاء في حي - lively -ّز محاط بكل المظاهر التي من شانها أن تهدّد الحياة، إنما تمثل تعبيراً مجازياً لما يمرّ به الناس في الحياة الواقعية، وهي قد تقدّم أفكاراً للتمرد على هذا الواقع، في حين أن أفلاماً تتحدث عن الكوارث الطبيعية والتي من صنع - manufacture - الإنسان، قد تقدّم أفكاراً عمّا سيتعيّن علينا القيام - doing - به إذا ما حدث الأسوأ ويمنحنا بعض العزاء في أننا قد ننجو بأنفسنا أو نحصل على فرص لإنقاذ حياتنا وأحبائنا، في الوقت الذي يخسر فيه أبطال الفيلم كل شيء.
أما الأفلام التي تتحدث عن مخاوف غزو - invasion - الكائنات القادمة من الفضاء لكوكب الأرض، فتعكس مخاوفنا من “الآخر”؛ المختلف في بيئة أصبحت متعددة الثقافات على نحو متزايد - increasing -، وفي الوقت الذي تقدّم فيه أفلام الرعب الكلاسيكية مفهوم - understandable - (البطل) المقاتل الشجاع الذي يقدر أن يهزم الكائنات المتوحشة أو الغزاة البرابرة أو الوحوش المروّعة، على أنها مخلوقات غريبة يمكنها أن تقوّض السلام على الأرض، فإن البعض من الإنتاجات الحديثة أظهرت أن البعض من الغرباء، حتى من المخلوقات الفضائية، ليس بالضرورة أن يكونوا وحوشاً كاسرة وهم - illusion - في البعض من الحالات أصدقاء مخلصين وحلفاء يمكن أن يُعتمد عليهم لدرء خطر - stake - أكبر.
هذا الأمر يمكن أن يمثّل إسقاطات لمفهوم الغرباء الذين يختلفون عنا في الدين أو العرق والقومية، باعتبارهم أناسا يشبهوننا ولا يمكنهم أن يشكّلوا خطراً، اضافة الى كونهم حلفاء يُمكن الاعتماد عليهم في تطمين مخاوفنا من أخطار كبيرة وغير مسيطر عليها تحدق بنا ليل نهار. أما الأشباح ومصاصو الدماء الذين نسعى إلى رؤيتهم في الأفلام، فهي ربما تخبرنا بأن الفائت ما زال يهدد حياتنا.
وترى كارول بيرسون بأن الوحوش والأشباح قد تعيش بداخلنا وأحياناً تنتصر علينا، هذه هي أشباح الفائت، حتى أن مؤلفات روايات الأشباح من النساء خاصة يعبّرن عن رغبة - desire - مكبوتة في داخلهن، نوع - kind - من الغضب المكبوت يشبه الأشباح التي نراها في روايات الرعب؛ تقف في زاوية ما من زوايا المنزل، تنظر إلينا نظرات ذات معنى - meaningf - تهدد كياننا لكن من منغير أن تأتي بأي حركة.
الأفلام التي تتحدث عن مخاوف غزو - invasion - الكائنات القادمة من الفضاء لكوكب الأرض، فتعكس مخاوفنا من 'الآخر' المختلف في بيئة أصبحت متعددة الثقافات
هذه الأشباح تبدو وكأنها مسجونة في إطار لا يمكنها الفكاك منه، ورغم ذلك، فهي تصيبنا بالهلع. هذه هي مخاوفنا المسجونة في داخلنا، مرعبة ومؤذية، تسكننا وتجعل حياتنا مرّة لكننحن لا نستطيع التعبير عنها ونعجز عن إطلاقها من سجنها، الفائت الذي يسيطر على حاضرنا ويشّل حركته.
ولهذا، يفترض - supposed - أن تعمل قصص الأشباح هذه على توفير أجواء لخوض التجربة مع ذواتنا، حيث يمكننا مواجهة - confronta - مخاوفنا الحقيقية بوساطة إسقاطها على أحداث الفيلم وهذه طريقة - recipe - معروفة في مجال - domain - علم النفس؛ حيث تستخدم الأعمال الأدبية لحثّ المتفرّجين على إظهار عواطفهم وانفعالاتهم المكبوتة عن طريق استثارتها في نفوسهم.
وتطرّق الفلاسفة إلى هذا المعنى في كتاباتهم، أشهرهم أفلاطون الذي وصف - portray - في مؤلفاته الانفعالات التي يتعرّض لها مشاهدو المأساة المسرحية (التراجيديا) من عند ما تثيره في المتفرج من مشاعر الشفقة على أبطال العمل المسرحي، الذين ستحلّ بهم المأساة رغم إرادتهم ورغم كل جهودهم في تجنّبها، الأمر الذي يستدعي فزع المتفرجين أنفسهم خوفاً من أن يواجهون المصير ذاته. والأمر ذاته ينطبق على أفلام الرعب التي تعرض - exposure - لقصص مصاصي الدماء، ورغبتهم المستعرة في الكثير من الضحايا لمص دمائهم، إذ أن حياتنا الواقعية تعجب العديد من مصاصي الدماء والمستغلين الذين لا يقلّون جشعاً وأنانية عن شخصيات أفلام الرعب؛ فهم مثلهم يمصون دماء الناس، حقوقهم وأموالهم من منغير أن يشبعوا، حيث يفعلون هذا في وضح النهار ودون أن يجدوا من يقف في طريقهم أو يمنعهم، وإلا سيكون مصيره مثل - like - مصير ضحاياهم.
كل شي في أفلام الرعب هناك ما يحاكيه في الواقع، الفرق الوحيد - sole - يخفي في أن مشاهد - viewer - أفلام الرعب تستثير مشاعر بشعة، مقزّزة وتدعو إلى الغثيان، في حين يبدو الواقع مزوّقاً ومنمقاً بديكورات وشخوص يرتدون ربطات عنق ويضعون عطورا راقية، وهم - illusion - في حقيقتهم لا يقلّون بشاعة عن مصاصي الدماء.