News1- إيران بين الإصلاح والثورة بقلم: سلام السعدي

معلومات الكاتب

الكاتب : Aya Hassan

تاريخ النظام الإيراني وفصول قمع - suppress - الاحتجاجات المستمرة يعززان الانطباع السائد عند شرائح واسعة - stride - من الإيرانيين باستحالة إصلاح النظام.

نيوز وان سلام السعدي [نُشر في 2018/02/03، العدد: 10889، .)]

تنتشر صور - photo - إعلانية ضخمة في الشوارع الإيرانية تُظهر حجم الدمار المرعب الذي جرى إلحاقه بالمدن السورية وقد كتب عليها بالخط العريض “لن نكرر خطأ السوريين”. هكذا يراهن النظام الإيراني على عامليْن حاسميْن لإخماد الاحتجاجات السياسية والاقتصادية التي اندلعت ضده في نهاية العام 2017: القمع الوحشي من جهة، والتهديد بالفوضى والتحول إلى دولة فاشلة من جهة أخرى.

رغم تراجع - retreat - وتيرتها عند الأسبوعين الماضيين، لا تزال السلطات الإيرانية قلقة للغاية من التظاهرات الشعبية المناهضة لها. في الأسبوع الأول، أظهرت السلطات الإيرانية ترددا كبيرا في ممارسة عمليات القمع إذ كانت تخشى إثارة - arouse - ردود فعل - verb - داخلية ودولية تفاقم من حجم التحدي الشعبي وتجعله يخرج عن السيطرة. كانت لحظة ارتباك ناجمة عن عدم قدرتها على قراءة الحدث وطبيعة الشرائح المشاركة فيه ومدى التعاطف الشعبي العام مع المتظاهرين. وعندما جمعت أجهزة الاستخبارات المعلومات الضرورية وتبين أن الاحتجاجات محصورة بأماكن الفقر والتهميش الاقتصادي، وأن إتاحة المجال لتطورها قد تجعلها تخرج عن السيطرة، قررت الضرب بقوة من عند أجهزة الأمن وعناصر الحرس الثوري. ونجحت هذه المحاولة في إضعاف - weaken - طريقة - recipe - الاحتجاجات بصورة كبيرة، واعتبر البعض أن تهديد الاحتجاجات الشعبية لوجود النظام الإيراني قد انتهى - finished - تماما - thoroughly -.

وبعد نجاح السلطات الإيرانية في قمع - suppress - التظاهرات وتجاوز خطر - stake - “الثورة” ومآلاتها المجهولة، انتشرت دعوات من بداخل أروقة النظام تشير إلى ضرورة - necessity - الشروع في إصلاح داخلي - indoor - تخطط له وتنفذه القيادة الإيرانية الحالية، وذلك لتجنب الدخول في موجة - wave - احتجاجات شعبية - popularity - جديدة في المستقبل، والاضطرار إلى القيام - doing - بإصلاح سياسي - politica - تحت - underneath - الضغط وفي أجواء من الفوضى لا يمكن السيطرة عليها.

غير أن هذا الرأي يغفلعن طبيعة النظام الإيراني المركزية رغم تعدد اللاعبين، وهو ما يجعل فرص الإصلاح الداخلي محدودة للغاية. ويفسر هذا فشل كل محاولات الإصلاح السياسي الداخلي على امتداد - stretch - تاريخ جمهورية مصر العربية الإسلامية، سواء تحت - underneath - ضغوط الاحتجاجات الشعبية أو في أوقات الاستقرار.

ظلت آمال الإيرانيين في الإصلاح السياسي الداخلي قائمة عند أربعة عقود من عمر - age - جمهورية مصر العربية الإسلامية، حيث واصلت دعم - backing - مرشحين إصلاحيين. كانت الآمال معلقة بصورة خاصة على الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي الذي وصل إلى الحكم - referee - في العام 1997. ولكن محاولات الإصلاح هذه كانت تبوء دوما بالفشل.

كانت خيبة الأمل الأكبر في الانتخابات الرئاسية للعام 2009 والتي نجح فيها المرشح المحافظ، محمود أحمدي نجاد، رغم أن المزاج الشعبي العام كان يميل لصالح الإصلاحيين. وهو ما أطلق في حينها الحركة الخضراء التي مثلت التحدي الأخطر للجمهورية الإسلامية منذ - since - تاريخ تأسيسها.

وبسبب كون قائد - commander -َيْ الحركة الخضراء، مهدي كروبي ومير حسين موسوي، جزءا لا يتجزأ من النظام القائم، وبسبب طبيعتهما الإصلاحية، عجزت الحركة الشعبية، رغم قدرتها على جمع - compile - ملايين المواطنين في الشارع، عن اتخاذ - adoption - أي إجراء ثوري - revolutionary - يؤدي إما إلى الإطاحة بالنظام وإما إلى إجباره على الإصلاح الجدي والتوسيع الفعلي للمشاركة السياسية.

نجح النظام الإيراني بصعوبة في الحفاظ على تماسكه في وجه الجماهير الغاضبة واستطاع إخماد حراكها الواسع بالعنف المفرط ولم يرضخ لمطالباتها الإصلاحية. وبعد نجاحه ذاك، ظهرت أيضاً مطالب داخلية تدعو النظام لأن يأخذ الدروس مما جرى ويقوم بالإصلاح السياسي من تلقاء نفسه لتجنب المستقبل المجهول.

ولكن المرشد الأعلى علي خامنئي فضل إظهار صلفه وتعنته، الذي يعكس طبيعة النظام، بدل إظهار قدر - fate - من العقلانية والخوف على مصير الأمة والدولة ومنجزاتها.

في إحدى خطب يوم يومالجمعة في العام 2011، استذكر المرشد هزيمة الحركة الخضراء، معتبرا إياها حلقة - episode - في سلسلة محاولات الولايات المتحدة تعذيب إيران وإسقاط نظامها. وقال حينها بوضوح - articulate - “الثورة التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها على محاولات الانقلاب العسكري والسياسي هي ثورة ميتة. هذه الثورة لا تزال حية لأنها تدافع عن نفسها، بل لأنها تنتصر في المعركة وتسود. هذه حقيقة، وقد شاهدتموها تحدث في العام 2009”.

إن الدولة الإيرانية الحالية بالنسبة للمرشد الأعلى هي من إنتاج الثورة الإسلامية، وهي بهذا المعنى ملك للثورة ولقادة هذه الثورة. وبحسب المرشد فإن ما يجعل إيران عصية على محاولات الإسقاط هو تمتعها بشرعية ثورية من جهة، وبشرعية دينية من جهة أخرى، وهو ما يدفعه في أحيان كثيرة للحديث عن “الدعم الإلهي” الذي تتمتع به جمهورية مصر العربية.

تاريخ النظام الإيراني وفصول قمع - suppress - الاحتجاجات المستمرة في الوقت الحالي يعززان الانطباع الذي بات سائدا عند شرائح واسعة - stride - من الإيرانيين باستحالة إصلاح النظام. ولكن طريق الثورة لا يمكن تعبيده إلا بقدر لا يحصى من الضحايا والتضحيات. هذا ما يظهره الربيع - spring - العربي للإيرانيين، فيما لا يتردد النظام الإيراني في تضخيم المخاوف وبث الرعب من عند ملصقات إعلانية تهدد بالعواقب الوخيمة للثورة.

كاتب - clerk - فلسطيني سوري

سلام السعدي