News1- 'لعبة موللي' أنثى في قلب دراما اجتماعية صاخبة - noisy - بقلم: أمير العمري

معلومات الكاتب

الكاتب : Aya Hassan

• يعتبر فيلم - film - “لعبة موللي” واحدا من أهم أفلام العام الجديد، إنه عمل يروي قصة حقيقية، وهو الفيلم الأول لكاتب السيناريو آرون سوركين، وفيه يصل - reach - أداء - performer - الممثلة جيسيكا شاتين إلى ذروة التعبير الدرامي والقدرة على التقمص المؤثر لشخصية امرأة قوية الشخصية تريد أن تفرض سيطرتها على مشاهير الرجال، ولو - albeit - من عند إدارتها لسهرات القمار.

نيوز وان أمير العمري [نُشر في 2018/02/09، العدد: 10895، .)]

إدريس ألبا يبدع في دور المحامي

يدور الفيلم الأميركي الجديد “لعبة موللي” Molly’s Game، وهو لآرون سوركين، حول شخصية امرأة حقيقية ما زالت على قيد الحياة هي “موللي بلوم” (39 عام) التي وصفتها الصحافة بـ”أميرة - princess - البوكر”، فهي التي كانت في طفولتها ومراهقتها تعد بأن تصبح إحدى بطلات العالم في الانزلاق على الجليد، ثم اتجهت بعد أن تمرّدت على أسرتها وتحرّرت من سلطة - salad - “الأب” إلى تنظيم - regulat - وإدارة حلقات لعبة “البوكر” وحقّقت من وراء ذلك الملايين، لكن سقوطها كان محتما.

ويعتمد الفيلم على الكتاب الذي صدر في 2014 بالعنوان نفسه، ويحوي مذكرات موللي بلوم من طفولتها إلى حين محاكمتها ثم ما نتج عنها، ويعتمد سيناريو - scenario - آرون سوركين أسلوب التعليق أو الحكي المباشر من خارج الصورة، على لسان بطلة الفيلم “موللي” التي تتقمص شخصيتها بنجاح كبير وبراعة مدهشة الممثلة جيسيكا شاتين في دور يضيف إليها كثيرا بعد تألقها في “مس سلون” Miss Sloan لتثبت مجددا أن الممثلة-المرأة يمكن أن تحمل - incur - بمفردها فيلما بأكمله، ولم يكن مفاجئا أن تُرشح شاستين لأوسكار أفضل ممثلة - actr - عن دورها هذا.

بين الفائت والحاضر

ينتقل السرد بين الفائت والحاضر، فالفيلم يبدأ من الحاضر، من لحظة القبض على موللي بواسطة ضباط الشرطة الفيدرالية، ثم إطلاق سراحها بكفالة بعد أن رهنت أمها منزلها، ثم ذهابها إلى محام شهير في نيويورك تريده أن يتولى الدفاع عنها، لكنه يشعر - feel - بأنها تخفي عنه الكثير من الحقائق، كما لا تملك أن تدفع له أجره بعد مصادرة أموالها، بينما يطالبها بأتعاب تبلغ ربع مليون دولار، لكنه بعد أن يقرأ الكتاب الذي أصدرته ويتضمن اعترافاتها المثيرة، وبعد أن تمارس عليه ابنته الوحيدة التي تعاطفت مع موللي بعد قراءة الكتاب، ضغوطا لقبول الدعوى، يقبل أن يتولى قضيتها.

ومن عند أسلوب التداعيات، يعود الفيلم في “فلاش باك” طويل، إلى الفائت، إلى طفولة موللي، لنشاهد كيف كانت متفوّقة في رياضة التزلجّ، ثم الحادث الذي تعرض - exposure -ّت له القضاءعلىّى إلى إصابتها ثم تثبيت دعامتين من البلاتين في عمودها الفقري، ونشاهد أيضا علاقتها المشحونة بوالدها، الطبيب النفسي، الذي تكتشف خيانته لوالدتها، ثم ترفض ضغوطه عليها لكي تدرس القانون.

وفي لحظة ما تقرّر موللي التمرّد على حياتها، وتذهب إلى لوس أنجلس، حيث تقيم مع صديقة - girlf - لها وتحصل على عمل عند منتج سينمائي صغير سرعان ما يفتتح قاعة للعب البوكر في ناد ليلي يشتريه، ويستعين بها كمشرفة تقديم - render - الشراب إلى اللاعبين، ومراقبتهم وتسجيل مكاسبهم وخساراتهم.

سيدة اللعبة تتفقد عملاءها

ستحصل موللي على الكثير من المال من مرتادي غرفة القمار على سبيل “البقشيش” (أو الإكراميات) خاصة وأن من بينهم بعض مشاهير هوليوود من المخرجين والمنتجين والممثلين ونجوم موسيقى الروك، ففي الليلة الأولى -كما تخبرنا موللي- تحصل على 3 آلاف دولار، لكن مخدومها يريد - want - استغلالها كأسوأ ما يكون، بل يقرّر حرمانها من راتبها الذي تحصل عليه من عملها الأصلي في مكتبه عند النهار، على أن تكتفي بما تحصل عليه من إكراميات. وعندما يطردها من العمل تستغل “قائمة العملاء” التي في حوزتها وتنجح في جذبهم للعب في الأماكن التي تدبرها في أجنحة الفنادق الفخمة في لوس أنجلس، فتحقق الانتقام من ناحية، وتحصل لنفسها على نصيب أكبر بعد أن ترفع سقف اللعب إلى ربع مليون دولار، ثم تواصل رفع سقف حصيلة اللعبة لتحصل على مكافآت ضخمة يمنحها إياها كبار الأثرياء الذين يتردّمنغير ليلة بعد أخرى على المكان حيث ينفقون ملايين الدولارات، إذ أن معظمهم يبحث عن الاستمتاع بالإحساس بالمخاطرة.

لكن الفيلم يتعمد تغيير - changing - الأسماء وتجنب أسماء الشخصيات الحقيقية ومنها: ليوناردو ديكابريو وتوبي ماغواير وبن أفليك، ونجم البيسبول ألكس رودريغيز، والممثل نيك كاسافايتس (ابن جون كاسافيتس).. وغيرهم، رغم أن موللي قالت في كتابها أسماءهم الحقيقية.

المافيا على الخط

تسقط موللي ضحية لأحد نجوم هذه السهرات، فهو يحاول - try - إهانتها وإذلالها فقط لإشباع رغبة - desire - لديه في إذلال النساء، ثم ينتقم منها بنقل جلسات لعب البوكر مع رفاقه إلى النادي القديم، فتذهب موللي إلى نيويورك تسبقها سمعتها كمنظمة لسهرات لعب القمار، وهناك ستتوسّع وتجذب الكثير من رجال المال في وول ستريت بعد أن ترفع سقف اللعبة إلى بضع ملايين، ثم تصبح مدمنة على المخدرات - drug - بجميع أنواعها، تستعين بها لتبقى ساهرة حينما كانت سهرات القمار تمتدّ أحيانا لثلاث ليال متّصلة، ثم تتوّرط في جذب - tempt - - attraction - أعضاء في المافيا الروسية منغير أن تعلم - learning -.

وتصبح هي التي تضمن اللاعبين بمبالغ مالية ضخمة، ثم تقع في الخطأ الخطيئة الذي سيؤدي إلى سقوطها، حينما تنتزع نسبة من المكاسب لنفسها منغير أن يكون لديها ترخيص - license - يسمح لها بذلك، كما عند أندية القمار.

وعن طريق الذكاء المتوقّد، والقدرة على التحكّم، والحسابات الدقيقة، تتضخّم ثروة موللي، تشتري شقة فخمة، وسيارة فارهة يقودها سائق - motorist - خاص، ثم تصبح مطمعا للمافيا.

وعندما ترفض عرضا - inci - بالحماية مقابل - versus - المشاركة في الأرباح، يقتحم أحدهم شقتها ويضربها بعنف، ويسرق كل مدخراتها، ثم يضع مسدسه في فمها ويهدّدها بالقتل إذا تكلّمت كما يهدّدها بقتل أمها، وتقول لنا - ours - موللي إنها بقيت لأسبوعين لا تغادر شقتها، إلى أن التأمت جراحها.

"لعبة موللي" يعتمد على كتاب - book - صدر في 2014 بالعنوان نفسه، ويحوي مذكرات موللي بلوم من طفولتها إلى حين محاكمتها

حينما يتم القبض عليها، تقابل - correspond - اتهامات بالتهرب من دفع - push - الضرائب، وممارسة نشاط غير قانوني، والتعامل مع المافيا الروسية وتسهيل “غسيل الأموال”.. لكن محاميها الذي يقوم بدوره ببراعة تستحق الإشادة إدريس ألبا، يتمكن من إقناع القاضي بأنها فقدت كل شيء ولم تكن تسعى - strive - للمال، بدليل رفض - rejection - عرض - width - النيابة بأن تشهد على الرجال المتورّطين - clay - مقابل - versus - استعادة - restorati - الأموال التي صودرت منها، وتبلغ أكثر من 5 ملايين دولار.

الفيلم يوضح تماما - thoroughly - أن ما دفع - push - الكثير من الأثرياء للمشاركة في اللعب كان تواجد بعض مشاهير النجوم، فقد - missing - أرادوا مجرد - bare - مجالسة المشاهير، ولم يكن يهمهم المال، ومنهم أيضا من كانوا يستمتعون بالخسارة ويلعبون من منغير مبالاة. ومع ارتفاع - rising - سقف المراهنات كثيرا إلى بضعة ملايين ارتفعت شهية - appetite - الجميع، ولكن عندما وقع أحدهم في الديون، ووجد من يكفله ويدفع له، انكشفت القصة، فقد - missing - كان “الضامن” الذي تعاملت معه موللي من مافيا غسيل الأموال.

حنين إلى الفائت

ما يجعل الفيلم يتجاوز المستوى - level - الأول لقصته المحبوكة المثيرة التي تدور حول صعود وسقوط شخصية راودها حلم النجاح عن طريق تنفيذ - execute - الثروة، على غرار جوردان بلفورت في “ذئب وول ستريت”، نجاح السيناريو في رسم - sketch - الملامح النفسية للشخصية التي جعلها ضحية لأب أرادها تجسيدا لما يريده هو لها، وكان قاسيا عليها كما كانت هي أيضا تتشدّد في جدالها معه.

في مشهد - spectacle - بديع من المشاهد الأخيرة، يلتقي الاثنان، الأب (الذي يقوم بدوره ببراعة كيفن كوستنر) والابنة موللي، يشتبكان، يتواجهان، يقدّم لها الرجل تحليلا نفسيا لدوافع المسار الذي اتخذته في حياتها، ثم يوضح لحظة المكاشفة، ويبزغ الحب الدفين الذي لم يكونا يستطيعان التعبير عنه من.

يحتضن الأب ابنته التي أصبحت الآن امرأة ناضجة، لكنها ما زالت في حاجة إلى الشعور بالحب، يبكي وهو يكرّر أنه لا بد أن ينتقم ممن اعتدى عليها (يجب أن يشعر - feel - بالأذى).

هذه شخصية امرأة وحيدة كانت مدفوعة بالرغبة في إثبات أنها تستطيع السيطرة على الرجال الأقوياء، وقد اختارت الوحدة، وابتعدت دائما - invariably - عن الدخول في أي علاقات عاطفية، وكما قالت للمحامي تش”لو وقعت في الحب لانتهى البيزنس”!

موللي ليست فقط ضحية طفولتها المضطربة، وعدم اكتمال طموحها في الوصول إلى الأولمبياد، بل أيضا ضحية اختيارها، إنها تتسلّل قبل نهاية الفيلم إلى ساحة للتزلج في “سنترال بارك - bless -”، ولأنها مفلسة تماما - thoroughly -، فهي تدفع بقفازات لا يقل ثمنها عن 800 دولار مقابل - versus - استئجار أدوات التزلّج، وعندما تبدأ في الانزلاق على سطح الجليد تبدو وكأنها تريد استعادة - restorati - الفائت.. إنها تسبق - precede - الجميع بسرعتها الجنونية التي تدفع وراءها المشرف على الصالة يتبعها ويصرخ طالبا أن تتوق - eager -ّف.

المخرج آرون سوركين يعرف أنه يتعامل مع مادة - material - درامية أساسها فكرة السباق، المنافسة، المقامرة، إثبات القدرة على السيطرة، تحدي الذات، ومقاومة الزمن، لذلك يختار أسلوبا سينمائيا يقوم أولا على تداخل الأزمنة، وتدفّق التداعيات، كما يعتمد على الإيقاع السريع المتدفّق في حركة مستمرة - persist -: لقطات قصيرة قريبة للوجوه، للأيدي التي تدفع بأكوام “فيشات اللعب” على طاولة البوكر، أكواب الشراب وهي تستقبل قطع الثلج، الوجوه التي تعكس تباين الشخصيات، العبارات التي تتدفّق كالسيل من أفواه الجميع، محدثة صخبا وضوضاء، بينما تكمن موللي في الخلفية تراقب عن قرب صامتة في وحدتها، ويعكس الإيقاع حمى - fever - اللعب، حمية السباق، جنون التنافس، والرغبة في الفوز أو في الشعور برعشة الخسارة.

الرجوع إلى العائلة

ويمتلئ الفيلم بالحوارات السريعة، التي تبدو أقرب إلى “المونولوغ” منها إلى “الديالوغ”، فالشخصيات معزولة، وحيدة، تخاطب نفسها أكثر ممّا تتخاطب مع غيرها، التعليق الذي جاء من خارج الصورة يهيمن كثيرا على الفيلم، ويمتزج أحيانا مع الأغاني كتعليق على المواقف، وربما يكون طغيان الحوار على هذا النحو قد جاء على حساب الفيلم.

ومعروف أن مخرج الفيلم سوركين مولع بالمسرح وبالحوارات الطويلة، وهو يجيد كتابتها بحيث تصبح أيضا من ملامح الشخصية، وليس هناك مشهد - spectacle - في الفيلم يغيب عنه السرد بصوت موللي.

لا شك في براعة التعامل مع المادة من عند المونتاج، وبراعة تصوير مشاهد - viewer - اللعب مع الانتقال من الداخل - inland - إلى الخارج - ove -، والتركيز الأساسي على شخصية موللي فالفيلم يظل - remain - فيلم - film - جيسيكا شاستين وحدها، إنها تعيش بداخل جلد - whip - الشخصية، تسكن روحها، تعبّر عنها بوجهها وعينيها وإيماءاتها وحركات جسدها، تبدو أحيانا شديدة الجاذبية، لكن من منغير ابتذال، فهي امرأة قوية لا يتجرّأ أحد على الاقتراب منها.

موللي تلزم دائما - invariably - الحدود التي رسمتها لنفسها، فتظل وحيدة، تكتنز المال منغير أن تعرف ماذا ستفعل به، وعندما يسألها والدها “لماذا لم تتوقفي بعد أن جمعت الكثير من المال؟”، تجيبه بعد تفكير - thinking - - thinki - “لا أعرف”، لكنها أيضا صاحبة مبادئ، فهي ترفض الوشاية بالآخرين مقابل - versus - المال والحرية، وتصرّ على الاعتراف بأنها مذنبة فقط لكي تحافظ على نقاء اسمها.

“لعبة موللي” فيلم - film - دراسة في الشخصية، ولكنه أساسا - fundamentally - فيلم - film - اعترافات، كُتبت ونُشرت حقا، إلاّ أنها ما زالت تبدو مثيرة للاهتمام ونحن نشاهدها مجسّدة على الشاشة.

ناقد سينمائي مصري