News1- عقبات بين الأدب والجمهور بقلم: أزراج عمر - age -
هناك تعقيدات أخرى بالغة الخطورة ساهمت ولا تزال تساهم في خلق أسباب نفور القراء من الكثير من الأدباء ومن الإنتاج الأدبي، منها ظاهرة تخلي نسبة ...
معلومات الكاتب
هناك تعقيدات أخرى بالغة الخطورة ساهمت ولا تزال تساهم في خلق أسباب نفور القراء من الكثير من الأدباء ومن الإنتاج الأدبي، منها ظاهرة تخلي نسبة من أدبائنا عن أداء - performer - وظيفتهم الشرعية والتاريخية.
نيوز وان أزراج عمر - age - [نُشر في 2018/02/16، العدد: 10902، .)]
منذ - since - تاريخ ثلاثين عام تقريبا اقترح - propose - صديقنا الناقد المصري الراحل الدكتور غالي شكري في كتابه الموسوم بـ”برج بابل: النقد والحداثة الشريدة”، السؤال التالي: إلى أين وصل الأدب العربي الحديث؟ وبطبيعة الحال فهو لا يقصد بكلمة “الوصول” درجة المستوى - level - الإبداعي لهذا الأدب بل يقصد مكانة الإنتاج الأدبي العربي في المحيط - ocean - الخارجي المتمثل في قرائنا أو في القراء ببلدان العالم، كما يقصد بمصطلح “الحديث” الحداثة الزمانية وحداثة الشكل والمضمون.
لقد فرّع الناقد شكري سؤاله المحوري إلى ثلاث جزئيات وهي: هل وصل الأدب العربي الحديث إلى الجمهور؟ وهل وصل إلى العالمية؟ وهل وصل كقوة مؤثرة إلى المسرح السياسي ببلداننا؟
إن النظر - considering - في هذه الأسئلة الثلاثة أمر - warrant - مهم، ولا شك أيضا أن مثل - like - هذه الأسئلة الكبرى التي حددها شكري، والتي تحول في تقديره منغير ترقية علاقة التواصل الوطيدة والتفاعلية المنتجة بين الأدب والجمهور، لا تزال مطروحة بإلحاح حتى يومنا هذا.
رغم أهمية - relevance - فتح النقاش حول هذه الأسئلة فإنني أفضل الاكتفاء مؤقتا بالنظر بعجالة في السؤال المتعلق بعلاقة الأدب العربي الحديث بالجمهور في بلداننا، لأن هذه العلاقة تثير - evoke - كثيرا من المشكلات التي حالت ولا تزال تحول منغير ترشيد عملية - process - تلقى الأدب العربي من طرف قرائنا، وتكوين وازع المطالعة المبدعة لديهم.
يشخص شكري المشكلات النمطية التي تعرقل وصول - access - الأدب العربي الحديث إلى القراء في تفاقم الأمية الأبجدية في العالم العربي، وفي انتشار - prevalen - الأمية الثقافية التي تضرب بأطنابها في أوساط المتعلمين أنفسهم، وفي استحواذ وسائل الإعلام الحديثة على اهتمامات الناس وتشغلهم عن القراءة الأدبية المتعمقة، وفي غياب المكتبات في البيوت، الأمر الذي يحرم العائلات من إنجاز “التكوين الثقافي والروحي” لأفرادها، وفي الرقابة الذاتية التي يمارسها الأدباء على أنفسهم خوفا على مصالحهم، فضلا عن الرقابة التي تمارسها الأنظمة السياسية والعرف العام على الأعمال الإبداعية الجريئة، وفي المنظومة التعليمية التي بقيت تقليدية والتي ينعدم في فضائها المعلم الذي يقرأ ليثقف نفسه، وتنتفي فيها تقاليد تدريب التلاميذ على وازع القراءة، وفي غلاء تعرف علي سعر - rate - الكتاب في السوق الأمر الذي ينفّر الناس ويبعدهم عن المطالعة.
وفي الحقيقة فإن هناك تعقيدات أخرى بالغة الخطورة ساهمت ولا تزال تساهم في خلق أسباب نفور القراء من الكثير من الأدباء ومن الإنتاج الأدبي، منها ظاهرة تخلي نسبة من أدبائنا عن أداء - performer - وظيفتهم الشرعية والتاريخية كصناع الحياة الثقافية والروحية في مجتمعاتنا، فضلا عن تماهي الكثير منهم مع السلطة بمختلف أشكالها ومؤسساتها، مما أفقدهم الاستقلالية والقدرة على صنع - manufacture - المسافة عنها ومن ثم ممارسة النقد الجريء لخطاباتها وتطبيقاتها.
كاتب - clerk - جزائري