سيمون دو بوفوار وجان بول سارتر وجها لوجه
الناقدة هازل رولي تركز في كتابها عن الجوانب المخفية في علاقة سيمون وسارتر وما تعمّد طرفا العلاقة إغفاله في مذكراتهما وأحاديثهما المنشورة. ن...
معلومات الكاتب
الناقدة هازل رولي تركز في كتابها عن الجوانب المخفية في علاقة سيمون وسارتر وما تعمّد طرفا العلاقة إغفاله في مذكراتهما وأحاديثهما المنشورة.
نيوز وان أحمد رجب شلتوت [نُشر في 2017/12/02، .، .)]
قصة حب عظيمة
#القاهرة – “ما أضيق عالمي الصغير، إذا ما قيس بعالم سارتر الغني”.. هذه الجملة الواردة في مذكرات سيمون دو بوفوار تبيّن صورة سارتر لديها، لكنّ آخرين لم يروا الصورة كذلك - likewise -، فالناقدة وكاتبة السيرة الأسترالية ذات الأصول البريطانية هازل رولي تسأل متعجبة “كيف استطاعت سيمون دو بوفوار العيش مع ذلك الشخص ذي النظارات السميكة والصوت المعدني والبدلة الزرقاء المجعّدة، والمهووس بالسرطانات والمثليين جنسيا - sexual -، في حين أنها تمتلك كل هذه الحيوية والذكاء والعذوبة؟ يا له من لغز - puzzle -”. لذا تحاول بقوة تفكيك اللغز في كتابها “سيمون دو بوفوار وجان بول سارتر: وجها لوجه – الحب والحياة”.
خصص الكتاب الذي ترجمه محمد حنانا وصدر مؤخرا - lately - عن دار المدى العراقية، الصفحات العشرين الأولى منه لنشر صور - photo - فوتوغرافية، تعبّر عن هذه العلاقة الثنائية الفريدة في مختلف مراحلها، تركز مؤلّفته على ما تسميه الإغفالات، أي ما تعمّد طرفا العلاقة إغفاله في مذكراتهما وأحاديثهما المنشورة، فعن الجوانب المخفية قصدا من هذه العلاقة يدور الكتاب، الذي لا تعدّه صاحبته كتاب - book - سيرة - biograph - فحسب بل أيضا “قصة علاقة”، تقول عنها “أردت أن أصوِّر هذين الشخصين عن قرب في لحظاتهما الحميمية، وسواء اعتقدنا أنها واحدة من أعظم قصص الحب في التاريخ أم لم نعتقد، فهي بالتأكيد قصة حب عظيمة”.
سارتر وسيمون نجحا في تحويل - divert - الحياة إلى سرد - narrative -، وفقا لفكرتهما التي عبرا عنها بالقول “إن الحياة المعيشة يمكن أن تماثل الحياة المسرودة، فلا أسرار، لكون الاحتفاظ بالأسرار كان بنظرهما أثرا من آثار نفاق البرجوازية”، وكانت مهمتهما كمفكرين هي سبر أغوار ما تحت - underneath - السطح للوصول إلى الحقيقة، لذا اتفقا على أن ينشرا رسائلهما المتبادلة بعد رحيلهما، فلم يتلفا هذه الرسائل.
وتشير الكاتبة إلى أنّ دو بوفوار السبعينية، غير سيمون الشابة المتمردة - rebel -، ففي حديث أجرته معها الناشطة النسائية أليس تشايفزر، سألتها عما إذا كانت قد أغفلت أسرارا لم تكتبها في مذكراتها، فأجابت “نعم، كنت أتمنى أن أكون أكثر صراحة - openly - وتوازنا في وصف - portray - ميولي الجنسية - citizenship -، أن أخبر النساء حول حياتي الجنسية - citizenship -، لكن لم أقدّر أهمية - relevance - هذه المسألة حينذاك”. أما عن الحياة الشخصية لسارتر، فكانت أكثر تعقيدا نظرا إلى مواقفه المتناقضة وشهوانيته التي كانت بلا حدود - frontier -.
حينما نفكر في هذا الثنائي الاستثنائي فإننا نفكر في الحرية، فسارتر القائل “الإنسان محكوم بأن يكون حرا” التصقت فلسفته عن الحرية بالحياة، ولم تكن أسيرة برج عاجي، وهما كمفكرين تحديا كل التقاليد الاجتماعية، وأدركا أنهما يبتكران علاقتهما من عند تعاونهما، واتخذا علنا عشاقا، وكان كل منهما صديق - pal - - boyfriend - لعشيق الآخر، فقد - missing - اتفقا على مبدأ رئيسي حكم علاقتهما وهو أن حبهما مطلق بينما حب الشخص الآخر ثانوي.
وفي الكتاب تتبع هازل رولي أهم النقاط في المسار المشترك لهذا الثنائي المثير للاهتمام منذ - since - تاريخ الستينات وإلى اليوم، منذ - since - تاريخ أن اختارا لنفسيهما شعار - slogan - إحدى لافتات ثورة الطلبة في #باريس (1968) “فلنعش من منغير وقت - time - مستقطع”.
ومن ناحية أخرى استغرقت سيمون دو بوفوار 3 10 عاما ، لتنتهي من روايتها الأولى “جاءت لتبقى” التي كانت أول بذور أسطورة - legend - - myth - الثنائي سارتر/ سيمون، وقد صدرت في عام 1943 نفس عام صدور “الوجود والعدم” الذي تمّ تجاهله وقد جرّ على سارتر مشاكل لا حصر لها فقد - missing - رآه المحافظون ملحدا فاسدا.
كذلك - likewise - رواية - novel - “جاءت لتبقى” التي وصفتها صحافة زمن الحرب بالانحلال الأخلاقي، لدرجة أن سيمون شكت للمقربين منها من أن الناس ينظرون إليها بازدراء، بينما رآها البعض عملا شجاعا يقاوم الأيديولوجيا التي تتبناها حكومة فيشي، ورغم أن الرواية رشحت لجائزة الغونكور إلا أنها لم تفز بها، بل تم فصل - separation - سارتر وسيمون من عملهما بالتدريس.
وترى هازل رولي أنه قد سطع نجم سيمون كروائية بعد روايتها “المندرين”. واصطفاف سارتر ودو بوفوار مع الجزائريين على الوحشية الاستعمارية الفرنسية جعلهما يُتهمان بمعاداة الفرنسيين، فكانا ينكمشان وهما يمران بالشارع، وعاشا كمنفيين في وطنهما، لكن تصاعد نجم سارتر على المستوى - level - العالمي ففاز بجائزة نوبل في الآداب لكنه رفضها، مبررا رفضه بأنه “ينبغي على الكاتب أن يرفض ليتحول رفضه إلى عرف”.
رحل سارتر قبل دو بوفوار بستّ أعوام، فلم يقرأ كتابها “وداعا لسارتر” لتنتهي علاقة استمرت لنصف قرن جسدتها سيمون بقولها “كنت أُخادع حين اعتدت أن أقول إننا كنا شخصاً واحداً، فالانسجام بين شخصين لا يُمنح أبداً، ينبغي أن يُكتسب دائما - invariably -ً، على رغم العقبات”.