المعرفة الهذيانية تقود حشاشا إلى عوالم لم يألفها بشر قط بقلم: عمار المأمون
ساهمت الفانتازيا وروايات الخيال - imaginat - العلمي في إعادة النظر - considering - إلى نظام العلاقات البشريّة، ليغدو المتخيّل مساحة لاختبار...
معلومات الكاتب
- ساهمت الفانتازيا وروايات الخيال - imaginat - العلمي في إعادة النظر - considering - إلى نظام العلاقات البشريّة، ليغدو المتخيّل مساحة لاختبار التقسيمات الثقافيّة والطبيعيّة المرتبطة بالإنسان والكائنات الأخرى والعلاقات بينهما، فكما العلم - flag - كل يوم يقدّم لنا - ours - مجموعة - group - من الظواهر والموجودات التي لم نعرفها من ولا نعرف لها أسماء، فإن المخيّلة أيضا تقدّم لنا - ours - كائنات وعناصر وتقسيمات معرفية لا تنتمي إلى عالمنا الحاليّ، بل هي احتمالات قائمة طالما أننا قادرون على تسميتها.
نيوز وان عمار المأمون [نُشر في 2017/12/02، .، .)]
مخلوقات عجيبة ومثيرة (لوحة - board - للفنان سبهان آدم)
العوالم المتخيلة لروايات الخيال - imaginat - العلمي والفانتازيا تكمن في الهوامش وفي ما بعد الطبيعي، إذ تتجلى في لحظات الانفلات والطفرات أو القطيعة الكاملة مع عالمنا هذا أو العكس - contrary -، والتفكيك العميق لعناصرها ومحاولة اكتشاف جوهرها، هي ببساطة الاحتمالات التي لا أسماء لها بعد،ُ وقد نجدها في رواية - novel - “الوصفة - prescr - رقم 7”.
بوابة الهذيان
يستكشف الكاتب المصري أحمد مجدي همّام في روايته “الوصفة - prescr - رقم 7” عوالم الكيف والمزاج وضرب الصواريخ لنسف العقل وتفعيل قوانين السهو والكسل، ثم الرحلة التي قام بها مليجي الصغير إلى بلاد متخيّلة إثر وصفة لتغييب العقل قام هو بتركيبها، وفي هذه البلاد يعيش مغامرات ويختبر تضاريس غرائبيّة مواجها كائنات ومخلوقات وتكوينات لم يسبق له ولا نحن كقراء أن عرفناها منُ، فهمام يضع أمامنا كتابا لإنعاش المخيّلة كجرعة “أل. أس. دي.” لتحفيز تلافيف الدماغ وشحن كهرباء المخيّلة.
يمهّد همام منذ - since - تاريخ بداية - outset - الرواية، الصادرة أخيرا عن الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع، للعملية المعرفية - cognitive - المتخيّلة التي ستكون البوابة لرحلة مليجي الصغير، إذ يحدثنا عن بلاد لم ويعتبر فيها تواجد للمخدرات و”منمّلات الدماغ” هذا الغياب هو أوّل دافع - motive - لمليجي ليحصّل المعرفة البديلة والهذيانيّة، فالأخير يوظف معرفته العلميّة البسيطة ليصنع “مزاجه” الخاص، وهنا تبرز تقنية المفارقة الساخرة المستخدمة، فسر انتقاد - criticise - تقنيات العلم - flag - الذي يمتلك نظريا خطابا شرعيا، فمليجي يختلق وصفات لإذهاب العقل وخلخلة النظام المعرفي القائم، بعكس استخدام العلم - flag - التقليدي الذي يضبط وينظم ويرتب المعرفة، من هذه الوصفات المتخيّلة يكتشف مليجي الوصفة - prescr - رقم 7، هذه التي يحقنها في إحدى بذور البانجو التي وجدها مصادفة، هذه البذرة الناتجة عن سوء تقدير علمي هي التي ستحمل مليجي إلى عوالم الفانتازيا.
تنتقد ممارسات مليجي لتحضير وصفاته خطاب العلم - flag - المعرفي الذي انتُهك من شخص هاو - amateur - - amateur -، فسر توظيف - recruit - صيغة - formulation - بديلة مخالفة لتقنيات العلم - flag - الأدائية التي تتجلى ضمن - within - مراحل دقيقة ومشرعنة ومتعارف عليها، فتجارب مليجي عشوائية - random - وغير منتظمة، وهدفه نرجسي بالمعنى السردي، إذ يعي أن ما يفعله ليس إلا تجارب غير مضبوطة واعتباطية في سبيل خدمة مصلحته الذاتية لا خدمة الإنسانية أو المصالح السياسية كحالة الخطاب العلمي التقليدي، كما يعي أن ما يصنعه سيغير رؤيته للعالم، مستفيدا أيضا من أكثر خطابات المعرفة البديلة جاذبية، إذ لطالما شكل - format - الحشيش والمواد المخدرة غواية لمن يبحثون عن توصل معرفي جديد، فهذه المواد طبيعية كانت أو صناعية ليست فقط وسيلة - avenue - للغياب عن هذا العالم، بل للحضور أيضا في أصقاع مغايرة تنتمي إلى المتخيّل والهذياني.
عالم - scholar - بأنظمة معرفية مغايرة وبنية من العلاقات البديلة، تمتد من اللغة وإعادة إنتاجها حتى التكوين الجسدي وأساليب التكاثر
الحضور - attendance - العرفاني المتخيّل الذي منحته الوصفة - prescr - رقم سبعة لمليجي جعلته ينتقل على أنغام أغنية شعبية - popularity - إلى أرض اللابوريا، وهي بلاد ذات كائنات جديدة ولغات وتسميات مختلفة عن المألوف، بالإضافة إلى كونها أنظمة معرفية مغايرة لتلك التي نعرفها، وبنية من العلاقات البديلة تمتد من اللغة وإعادة إنتاج تصاريفها حتى التكوين الجسدي وأساليب التكاثر، فنحن أمام كائنات لا تنتمي لتقسيماتنا البشرية، فالبعض أصله من صخر والبعض عمالقة والبعض بشر مشطورون طوليا، أما مليجي الصغير الذي يبدأ رحلته ضائعا ومستكشفا لما حوله نراه يتورط لاحقا في هذه العوالم على مستويين، الأول لكونه بشريا، لكنه فاقد لمكانته كمهيمن على العالم، فهو لم ويعتبر مصدرا أو أساسا - fundamentally - للمعرفة والتقييم، فتارة نراه نبيا وتارة عدوا وتارة مجرّد كائن - organism - ضعيف وأسير.
أما المستوى - level - الثاني فهو التورط العاطفي إذ يتزوّج من إحدى الكائنات التي تنتمي لفصيلة أخرى ويسعى للهرب معها إلى أرض يوتوبية، أما حياة مليجي الفائتة فتتلاشى، ولا تعود مهمة - assignment - أمام المنظومة الجديدة التي يخضع لها، لتصبح أسئلة من قبيل “لماذا أنا هنا؟” و”كيف أنا هنا؟” هامشية ضمن - within - حبكة المغامرات لتجاوز الخطر والنجاة.
|
عجائب الرحلة
تحوي الرواية العديد من الإحالات إلى رحلات مشابهة عرفها الأدب وتسميات لأقوام وكائنات مألوفة كيأجوج ومأجوج وسيريروس والعمالقة، وغيرها التي تنتمي إلى عوالم الحكاية المتخيلة والأساطير والحكاية الشعبية، إذ كل واحدة من البلاد التي يزورها مليجي الصغير تثير - evoke - التساؤلات حول الطفرات وإمكانية امتدادها لتكوين أنظمة مغايرة، كأرض العميان والمصابين بالجذام أو أرض العمالقة، إلى جانب التناصّات التي تحويها عوالم اللابوريا مع مفاهيم ونصوص أخرى، سواء هذه التي تنتمي إلى العلم - flag - واحتمالات الطفرات والتهجين بين الفصائل أو النصوص المتخيّلة المرتبطة بالفانتازيا وعوالم الديستوبيا، بوصف أن هذه الأخيرة تكتشف احتمالات ما بعد الإنسان أو سوء التقدير - appreciat - العلمي.
وهذا ما نلاحظه في النهاية، حين يشرح أحمد زكي “علميا” لمليجي الصغير كيف وصل إلى هذه العوالم، وأن محاولته لجعل رقم 7 محركا لرحلته ليست إلا مصادفة طفولية، في سخرية - irony - مرة أخرى من مفهوم - understandable - الدقة العلمية والأداء العلمي المقنن، وخصوصا شرعية “أنا” العالم التي تدّعي الحقيقة والقدرة على التفسير، فتجارب مليجي “العلمية” ليست أكثر من مصادفات وأخطاء بالتفسير والاستقراء.